أسرته ونشأته
قدعاش حياته الأولى في صحبة أخيه أبى بكر الذى كان يكبره بخمس سنوات في قصر أبيه أحد وزراء المنصور بن أبى عامر ، وابنه المظفر من بعده ، وكانت تربيته في تلك الفترة على أيدي جوارى القصر الذى كان مقاما في الشارع الآخذ من النهر الصغير على الدرب المتصل بقصر الزاهرة ، والملاصق لدار المنصور بن أبى عامر [3] ، ومن ذلك نعرف مدى المكانة التى كان يحظى بها والد ابن حزم لدى المنصور بن أبى عارم حتى جاوره في السكن .
كان ابن حزم قد خرج من وسط أسرة عرفت الإسلام منذ جده الأعلى يزيد بن أبى سفيان ، وكان خلف أول من دخل الأندلس من أسرته في صحبة الأمير عبدالرحمن الداخل ، وكان مقامه في لبلة [4] ، ومن ذلك نعرف أن مقر هذه الاسرة كانت الشام بعد مشاركة يزيد أصل هذه الاسرة في الفتوحات الإسلامية بها ، ولما خرج عبدالرحمن إلى الأندلس خرج معه خلف بن معدان . وقد بدأت هذه الأسرة تحتل مكانها الرفيع كواحدة من كرائم العائلات بالأندلس في عهد الحكم المستنصر ، ونجحت في امتلاك قرية بأسرها هى منت ليشم [5] ، ولا يعلم هل خلف بن معدان هو الذى تملكها أم أبناؤه من بعده ، ولعل ذلك يحيلنا إلى مدى ذكاء هذه الاسرة الذى انعكس بدوره على أحمد بن سعيد وولده ابن حزم من بعده . ويعتبر أحمد بن سعيد أحد مشاهير هذه الأسرة ومؤسس ملكها حتى قال عنه ابن حيان " الوزير المعقل في زمانه الراجح في ميزانه … هو الذى بنى بيت نفسه في آخر الدهر برأس رابية وعمده بالخلال الفاضلة من الرجاحة والمعرفة والدهاء والرجولة " [6] ، وقد كان لهذه الصفات إلى جانب اتجاهه للحزب الاموى وعمق ولائه لأمرائه وخلفائه دور هام في استوزار المنصور له سنة 381هـ/991م ، وبلغ من شدة ثقته به انه كان يستخلفه على المملكة أوقات مغيبه عنها ، وصير خاتمه في يده [7] ، وكان لأحمد بن سعيد مجلس يحضره العلماء والشعراء أمثال أبى عمر بن حبرون وخلف بن رضا [8] ، وكان له باع طويل في الشعر ومشاركة قوبة في البلاغة والادب حتى إنه ليتعجب ممن يلحن في مخاطبة أو يجىء بلفظة قلقة في مكاتبة [9]، وقد كان لهذا أثره على ولده ابن حزم في تمكنه من اللغة والشعر واهتمامه بهما ، حتى أن بلاغته كان لها من التأثير أنها تأخذ بمجامع القلوب وتنفذ إلى أعماق النفوس في أسلوب سهل ممتنع رقيق يخلو من الاستطرادات ويتسم بطول النفس وجمال النكته وخفة الروح ، كما كان أحمد بن سعيد من المشاركين في حركة الإفتاء بالأندلس من خلال مجالسه العلمية والمناظرات التى كانت تدور في قصره حتى قال عنه ابن العماد " كان مفتيا لغويا متبحرا في علم اللسان " [10]، وهذه العبارة توضح الاثر الذى تركه أحمد بن سعيد على ولده ابن حزم الذى اعتمد في فتواه وتفسيره لنصوص القرآن والسنة على ظاهر اللغة [11] ، ومن ثم يكون والده أحد الأسباب التى دفعته إلى المنهج الظاهري في الفتيا والتفسير بالرغم من أنه كان مالكى المذهب . ظل أحمد بن سعيد وزيرا بعد المنصور لابنه المظفر ، وأخيه عبدالرحمن شنجول إلى أن أعفى من منصبه في عهد محمد المهدى ، وترك منية المغيرة حى كبار موظفى البلاط وعاد لسكنه القديم في بلاط مغيث بعيدا عن صخب السياسة ، وبعد اغتيال المهدى في ذى الحجة 400هـ/1010م ومبايعة هشام المؤيد ثانية بعد الزعم بموته . اصطدم أحمد بن سعيد بالقائد الصقلبى واضح محسوب الخلافة الذى لاحقه وسجنه وصادر أمواله ، وطلت الفتن والنكبات تتوالى على بنى حزم حتى وفاة أحمد بن سعيد في ذى القعدة 402هـ/1012م [12] ، وقد كان لهذه النكبات أثرها السىء على ابن حزم إذ أنها زادت من حزنه ، وكانت أحد أسباب حدته التى تظهر جلية في مصنفاته . أما عن أم ابن حزم فقد صمتت عنها المصادر بأسرها .بل إن ابن حزم نفسه لم يطالعنا على أدنى إشارة تجاهها في أى من كتبه التى بين أيدينا ، ومن ثم فالخلاف بين الباحثين حول أصلها لم يحسم بعد [13] ولعل الحديث عن العلاقة بين بعض اقاربه ابن حزم وأثرها على نفسيته وفكره ترتبط بهذا المقام ،ونخص بالذكر أبى المغيرة عبدالوهاب ابن عمه الذى كان يتبادل مع ابن حزم رسائل المودة في حداثة سنهما ، ثم جرت بينهما جفوة سببها كتاب وصل أبوالمغيرة عن ابن حزم وصفه الأول بأنه مبنى على الظلم والبهتان والمكابرة [14] مما كان لهذا أثره على ابن حزم في اعتزازه بنفسه وشدة حدته إذ وجد أن أحد أقربائه الذى كان يتودد إليه في الصغر ، انقلب عليه هو الآخر ، وانضم إلى خصومه ومعارضيه ، ومن ثم فقد كل نصير يمكن أن يعتمد عليه سوى ذاته الانفرادية التى اعتز بها . ومن المصنف الذى صنغه ابن حزم عن أسرته والذى يدعى " تواريخ أعمامه وأبيه وأخواته وبنيه وبناته مواليدهم وتاريخ من مات منهم في حياته " يتضح أن أبناءه كانوا جمعا من البنين والبنات ، ولكن لا نعرف عن بناته شيئا . لفقدان هذا المصنف ، فضلا عن عدم إشارة المصادر إليهن ، ولو قدر لنا العثور علي هذا المصنف . لكان مجالا خصبا في التعرف على أزواجهن وأسراتهن ، وأثر هذه المصاهرة على فكر أبيهم وتراثه ، هل دافعوا عنه وأذاعوا مصنفاته ؟ أم هاجموه وانتقدوا فكره ؟ مثلهم في ذلك مثل خصومه . أما عن أبنائه الذكور فنعرف منهم أربعة وهم أبورافع الفضل ، وأبوأسامة يعقوب ، وأبوسليمان المصعب ، وسعيد وسنفصل القول عن كل واحد منهم في كتابنا هذا فقد كانوا كلهم ظاهري المذهب . سكن هو وأبوه قرطبة ونالا فِيهَا جاهاً عريضاً.[15] اصبح أبوه أحمد بن حزم من وزراء الحاجب المنصور بن أبي عامر [16] من أعظم حكام الأندلس، فارتاح باله من كد العيش والسعي وراء الرزق، وتفرغ لتحصيل العلوم والفنون، فكتب طوق الحمامة في الخامسة و العشرين من عمره. وقد رزق ذكاءً مفرطًا وذهنًا سيالاً وقد ورث عن أبيه مكتبة ذاخرة بالنفائس، اشتغل في شبابه بالوزارة في عهد «المظفر بن المنصور العامري» ثم مالبث أن أعرض عن الرياسة وتفرغ للعلم وتحصيله. و كان يضرب المثل في لسان ابن حزم ، فقيل عنه: «سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان»، فلقد كان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس، وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته[17]، وكثر أعداؤه في الأندلس، حتى نفوه من قرطبة وأحرقت كتبه في محاضر عامة بأمر من المعتضد بن عباد، وصار ابن حزم ينتقل من مكان لآخر حتى مات في قرية «لبلة» غربي الأندلس (من نواحي مدينة ولبة)ارض ابويه. [18] ابن حزم كان سياسياً حاد اللسان في التعرض لفقهاء عصره الجاحدين المنتفعين من مناصبهم، استطاع هؤلاء أن يؤلبوا عليه المعتضد بن عباد أمير اشبيلية, فاصدر قراراً بهدم دوره ومصادرة أمواله وحرق كتبه، وفرض عليه ألاّ يغادر بلدة أجداده منت ليشم من ناحية لبلة، وألا يفتي أحد بمذهب مالك أو غيره، كما توعد من يدخل إليه بالعقوبة، وهناك توفي سنة 1069م، ولما فعلوا ذلك بكتبه تألم كثيراً فقال وقد حُرِّقت مؤلفاته:[19]
إن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ** تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يقيم معي حيث استقلت ركائبي ** وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رق وكاغد ** وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
وإلاّ فعدوا بالكتاتيب بدءة ** فكم دون ما تبغون لله من ستر
كذاك النصارى يحرقون إذا علت ** أكفهم القرآن في مدن الثغر
.
علي بن حزم الأندلسي, طابع بريدي إسباني في ذكرى الفيته
قدعاش حياته الأولى في صحبة أخيه أبى بكر الذى كان يكبره بخمس سنوات في قصر أبيه أحد وزراء المنصور بن أبى عامر ، وابنه المظفر من بعده ، وكانت تربيته في تلك الفترة على أيدي جوارى القصر الذى كان مقاما في الشارع الآخذ من النهر الصغير على الدرب المتصل بقصر الزاهرة ، والملاصق لدار المنصور بن أبى عامر [3] ، ومن ذلك نعرف مدى المكانة التى كان يحظى بها والد ابن حزم لدى المنصور بن أبى عارم حتى جاوره في السكن .
كان ابن حزم قد خرج من وسط أسرة عرفت الإسلام منذ جده الأعلى يزيد بن أبى سفيان ، وكان خلف أول من دخل الأندلس من أسرته في صحبة الأمير عبدالرحمن الداخل ، وكان مقامه في لبلة [4] ، ومن ذلك نعرف أن مقر هذه الاسرة كانت الشام بعد مشاركة يزيد أصل هذه الاسرة في الفتوحات الإسلامية بها ، ولما خرج عبدالرحمن إلى الأندلس خرج معه خلف بن معدان . وقد بدأت هذه الأسرة تحتل مكانها الرفيع كواحدة من كرائم العائلات بالأندلس في عهد الحكم المستنصر ، ونجحت في امتلاك قرية بأسرها هى منت ليشم [5] ، ولا يعلم هل خلف بن معدان هو الذى تملكها أم أبناؤه من بعده ، ولعل ذلك يحيلنا إلى مدى ذكاء هذه الاسرة الذى انعكس بدوره على أحمد بن سعيد وولده ابن حزم من بعده . ويعتبر أحمد بن سعيد أحد مشاهير هذه الأسرة ومؤسس ملكها حتى قال عنه ابن حيان " الوزير المعقل في زمانه الراجح في ميزانه … هو الذى بنى بيت نفسه في آخر الدهر برأس رابية وعمده بالخلال الفاضلة من الرجاحة والمعرفة والدهاء والرجولة " [6] ، وقد كان لهذه الصفات إلى جانب اتجاهه للحزب الاموى وعمق ولائه لأمرائه وخلفائه دور هام في استوزار المنصور له سنة 381هـ/991م ، وبلغ من شدة ثقته به انه كان يستخلفه على المملكة أوقات مغيبه عنها ، وصير خاتمه في يده [7] ، وكان لأحمد بن سعيد مجلس يحضره العلماء والشعراء أمثال أبى عمر بن حبرون وخلف بن رضا [8] ، وكان له باع طويل في الشعر ومشاركة قوبة في البلاغة والادب حتى إنه ليتعجب ممن يلحن في مخاطبة أو يجىء بلفظة قلقة في مكاتبة [9]، وقد كان لهذا أثره على ولده ابن حزم في تمكنه من اللغة والشعر واهتمامه بهما ، حتى أن بلاغته كان لها من التأثير أنها تأخذ بمجامع القلوب وتنفذ إلى أعماق النفوس في أسلوب سهل ممتنع رقيق يخلو من الاستطرادات ويتسم بطول النفس وجمال النكته وخفة الروح ، كما كان أحمد بن سعيد من المشاركين في حركة الإفتاء بالأندلس من خلال مجالسه العلمية والمناظرات التى كانت تدور في قصره حتى قال عنه ابن العماد " كان مفتيا لغويا متبحرا في علم اللسان " [10]، وهذه العبارة توضح الاثر الذى تركه أحمد بن سعيد على ولده ابن حزم الذى اعتمد في فتواه وتفسيره لنصوص القرآن والسنة على ظاهر اللغة [11] ، ومن ثم يكون والده أحد الأسباب التى دفعته إلى المنهج الظاهري في الفتيا والتفسير بالرغم من أنه كان مالكى المذهب . ظل أحمد بن سعيد وزيرا بعد المنصور لابنه المظفر ، وأخيه عبدالرحمن شنجول إلى أن أعفى من منصبه في عهد محمد المهدى ، وترك منية المغيرة حى كبار موظفى البلاط وعاد لسكنه القديم في بلاط مغيث بعيدا عن صخب السياسة ، وبعد اغتيال المهدى في ذى الحجة 400هـ/1010م ومبايعة هشام المؤيد ثانية بعد الزعم بموته . اصطدم أحمد بن سعيد بالقائد الصقلبى واضح محسوب الخلافة الذى لاحقه وسجنه وصادر أمواله ، وطلت الفتن والنكبات تتوالى على بنى حزم حتى وفاة أحمد بن سعيد في ذى القعدة 402هـ/1012م [12] ، وقد كان لهذه النكبات أثرها السىء على ابن حزم إذ أنها زادت من حزنه ، وكانت أحد أسباب حدته التى تظهر جلية في مصنفاته . أما عن أم ابن حزم فقد صمتت عنها المصادر بأسرها .بل إن ابن حزم نفسه لم يطالعنا على أدنى إشارة تجاهها في أى من كتبه التى بين أيدينا ، ومن ثم فالخلاف بين الباحثين حول أصلها لم يحسم بعد [13] ولعل الحديث عن العلاقة بين بعض اقاربه ابن حزم وأثرها على نفسيته وفكره ترتبط بهذا المقام ،ونخص بالذكر أبى المغيرة عبدالوهاب ابن عمه الذى كان يتبادل مع ابن حزم رسائل المودة في حداثة سنهما ، ثم جرت بينهما جفوة سببها كتاب وصل أبوالمغيرة عن ابن حزم وصفه الأول بأنه مبنى على الظلم والبهتان والمكابرة [14] مما كان لهذا أثره على ابن حزم في اعتزازه بنفسه وشدة حدته إذ وجد أن أحد أقربائه الذى كان يتودد إليه في الصغر ، انقلب عليه هو الآخر ، وانضم إلى خصومه ومعارضيه ، ومن ثم فقد كل نصير يمكن أن يعتمد عليه سوى ذاته الانفرادية التى اعتز بها . ومن المصنف الذى صنغه ابن حزم عن أسرته والذى يدعى " تواريخ أعمامه وأبيه وأخواته وبنيه وبناته مواليدهم وتاريخ من مات منهم في حياته " يتضح أن أبناءه كانوا جمعا من البنين والبنات ، ولكن لا نعرف عن بناته شيئا . لفقدان هذا المصنف ، فضلا عن عدم إشارة المصادر إليهن ، ولو قدر لنا العثور علي هذا المصنف . لكان مجالا خصبا في التعرف على أزواجهن وأسراتهن ، وأثر هذه المصاهرة على فكر أبيهم وتراثه ، هل دافعوا عنه وأذاعوا مصنفاته ؟ أم هاجموه وانتقدوا فكره ؟ مثلهم في ذلك مثل خصومه . أما عن أبنائه الذكور فنعرف منهم أربعة وهم أبورافع الفضل ، وأبوأسامة يعقوب ، وأبوسليمان المصعب ، وسعيد وسنفصل القول عن كل واحد منهم في كتابنا هذا فقد كانوا كلهم ظاهري المذهب . سكن هو وأبوه قرطبة ونالا فِيهَا جاهاً عريضاً.[15] اصبح أبوه أحمد بن حزم من وزراء الحاجب المنصور بن أبي عامر [16] من أعظم حكام الأندلس، فارتاح باله من كد العيش والسعي وراء الرزق، وتفرغ لتحصيل العلوم والفنون، فكتب طوق الحمامة في الخامسة و العشرين من عمره. وقد رزق ذكاءً مفرطًا وذهنًا سيالاً وقد ورث عن أبيه مكتبة ذاخرة بالنفائس، اشتغل في شبابه بالوزارة في عهد «المظفر بن المنصور العامري» ثم مالبث أن أعرض عن الرياسة وتفرغ للعلم وتحصيله. و كان يضرب المثل في لسان ابن حزم ، فقيل عنه: «سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان»، فلقد كان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس، وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته[17]، وكثر أعداؤه في الأندلس، حتى نفوه من قرطبة وأحرقت كتبه في محاضر عامة بأمر من المعتضد بن عباد، وصار ابن حزم ينتقل من مكان لآخر حتى مات في قرية «لبلة» غربي الأندلس (من نواحي مدينة ولبة)ارض ابويه. [18] ابن حزم كان سياسياً حاد اللسان في التعرض لفقهاء عصره الجاحدين المنتفعين من مناصبهم، استطاع هؤلاء أن يؤلبوا عليه المعتضد بن عباد أمير اشبيلية, فاصدر قراراً بهدم دوره ومصادرة أمواله وحرق كتبه، وفرض عليه ألاّ يغادر بلدة أجداده منت ليشم من ناحية لبلة، وألا يفتي أحد بمذهب مالك أو غيره، كما توعد من يدخل إليه بالعقوبة، وهناك توفي سنة 1069م، ولما فعلوا ذلك بكتبه تألم كثيراً فقال وقد حُرِّقت مؤلفاته:[19]
إن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ** تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يقيم معي حيث استقلت ركائبي ** وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رق وكاغد ** وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
وإلاّ فعدوا بالكتاتيب بدءة ** فكم دون ما تبغون لله من ستر
كذاك النصارى يحرقون إذا علت ** أكفهم القرآن في مدن الثغر
.
علي بن حزم الأندلسي, طابع بريدي إسباني في ذكرى الفيته